وهناك صحابي آخر هو حاطب بن أبي بلتعة وكان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قد جمع أمره لفتح مكة وأراد أن يستر مقدمه حتى تفاجأ قريش. وتكون المفاجأة سبباً في عدم تولد اللدد وليتم الصلح. لذلك كتم الأمر، وبعد ذلك جلس رسول الله بين صحابته وأعلمه الله أن حاطبا قد أرسل إلى قريش يخبرها. فانتدب عليّاً ومعه صحابيان وأمرهم الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أن يذهبوا إلى مكان حدَّده لهم في الطريق إلى مكة ليجدوا فتاةً معها كتاب إلى قريش، فلما ذهبوا إلى المكان المحدد وجدوا الفتاة، فقال لها الإمام عليّ: أخرجي ما معك، فقالت: ليس معي شيء.
فمسك عليّ بن أبي طالب عقيصتها وأخرج الكتاب من المكان الذي تخبىء فيه أشياءها، فوجد رسالة تحذير لقريش، وعاد عليّ - كرّم الله وجهه - بالرسالة إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، وسأل الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ حاطبا: ما حملك على هذا يا حاطب؟
قال: والله يا رسول الله لقد علمت أن ذلك لا يضرك في شيء، وأن الله ناصرك. . ناصرك، ولكني أردت أن أتخذ لي يداً عند قريش، لأنني رجل ضعيف ولا مال لي ولا أهل.
فعفا عنه رسول الله صلى الله وسلم رغم أن هذا نوع من اختيان الرسول. ولكنْ عليك أن تعلم أن كل مخالفة لحكم قبلته من الله الذي آمنت به يعتبر خيانة للأمانة.
{لاَ تَخُونُواْ الله والرسول وتخونوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}[الأنفال: ٢٧] .
أي لا تخونوا الله والرسول في المنهج ولا تخونوا أماناتكم فيما بينكم وأنتم تعلمون، أي ألا يخون أحدكم قومه عن عمد، ويؤخذ من هذا القول ثبوت