وفي هذا القول نجد أن العداوة تأتي من الأزواج قبل الأولاد، ونعلم أن الزوجة في بعض الأحيان هي التي تكره أولاً ثم يتأثر بكراهيتها ويتشبه بها الأبناء، وهذا كلام منطقي؛ لأن الذي يتكلم هو رب حكيم.
وفي هذا القول تحذير واضح: إياكم أن ترسبوا في هذا الاختبار؛ فمن يجمع المال من حرام لترف أبنائه فهو خائن للأمانة، وهذا له عقاب، ولذلك يذكرنا الحق تبارك وتعالى في آخر هذه الآية بما يحبب إلينا النجاح في الاختبار فيقول سبحانه:
{وَأَنَّ الله عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ} .
ونعلم أن النفس البشرية مولعة بحكم تكوينها الفطري من الله بحب النفع لنفسها، ولكن المختلف فيه قيمة هذا النفع؛ وعمر هذا النفع؛ لأن الذي يسرق إنما يريد أن ينفع نفسه بجهد غيره، ومن لا يسرق يريد أيضاً أن ينفع نفسه ليبارك الله له في المال وأن يعطيه الرزق الحلال. وهكذا تكون النفعية وراء كل عمل سواء أكان إيجاباً أم سلباً،
والمثال الذي أضربه دائماً لذلك هو الطالب الذي يهمل في دروسه، ويوقظه أهله كل صباح بصعوبة، ثم يخرج من المنزل ليتسكع في الشوارع، والطالب الثاني الذي استيقظ صباحاً وذهب إلى مدرسته وانكب على دروسه، إنَّ كلاً من الطالبين قد أراد نفع نفسه، الفاشل أراد النفع الأحمق، والناجح أراد النفع في المستقبل. ونعرف أن النفع غاية مطلوبة لكل نفس. والمهم هو قيمة النفع، وعمر النفع. فإذا كانت الخيانة ستؤدي لك نفعاً في أولادك أو أموالك؛ فاذكر ما يقابل الأمانة من الأجر عند الله عَزَّ وَجَلَّ، وضع هذه في كفة، وضع تلك في الكفة الأخرى، وانظر أي كفة ترجح، ولا بد أن ترجح كفة الأجر عند الله عَزَّ وَجَلَّ.