نلاحظ أن الحق سبحانه وتعالى سمى أموال السفهاء بأموالي الولي ولم يعتبرها مال السفيه لأنه ليس أهلا للقيام عليها. . وجعل هذه الأموال تحت إشراف شخص آخر أكثر نضجا وحكمة.
وقوله تعالى:«أموالكم» ليكون الولي أو الوصي حريصا عليها كَمَالِهِ أو أكثر ولكن هو قيم فقط. . فإذا بلغ الإنسان سن الرشد أو شفى السفيه من سفاهته يرد إليه ماله ليتصرف فيه.
ونحن نرى عددا من الأبناء يرفعون قضايا على آبائهم وأمهاتهم يتهمونهم فيها بالسفه لأنهم لا يحسنون التصرف في أموالهم. . ثم يأخذون هذه الأموال ويبعثرونها هم. . والذي يجب أن يعلمه كل من يقوم بهذه العملية أنه لا حق له في إنفاق المال وتبذيره لحسابه الخاص، ولكنّ هناك حكمين: إما أن يكون الشخص فقيرا فله أن يأكل بالمعروف. . وإما أن يكون غنيا فيجعل عمله في الولاية لله لا يتقاضى عنه شيئا. . أما أن يأخذ المال ويبعثره على نفسه وشهواته وعلى زوجته وأولاده فهذا مرفوض ويحاسب عليه. . والله سبحانه وتعالى يقول:{وَمَن كَانَ غَنِيّاً فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَن كَانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بالمعروف}[النساء: ٦]
إذن الذي يعرض عن ملة إبراهيم هو سفيه لا يملك عقلا يميز بين الضار والنافع.
ويقول الله سبحانه وتعالى:{وَلَقَدِ اصطفيناه فِي الدنيا وَإِنَّهُ فِي الآخرة لَمِنَ الصالحين} . . اصطفاه في الدنيا بالمنهج وبأن جعله إماما وبالابتلاء. . وكثير من الناس يظن أن ارتفاع مقامات بعضهم في أمور الدنيا هو اصطفاء من الله لهم بأن أعطاهم زخرف الحياة الدنيا ويكون هذا مبررا لأن يعتقدوا أن لهم منزلةً عالية في الآخرة. . نقول لا، فمنازل الدنيا لا علاقة لها بالآخرة. ولذلك قال الله تبارك وتعالى:{وَلَقَدِ اصطفيناه فِي الدنيا} . . وأضاف:{وَإِنَّهُ فِي الآخرة لَمِنَ الصالحين} . . لنعلم أن إبراهيم عليه السلام له منزلة عالية في الدنيا ونعيم في الآخرة أي الاثنين معا.