وحيثيَّات التعذيب إذن هي صدهم عن المسجد الحرام وما كانوا أولياءه. لماذا؟
{إِنْ أَوْلِيَآؤُهُ إِلاَّ المتقون ولكن أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ}[الأنفال: ٣٤] .
وإذا كان أكثرهم لا يعلم، فأقلهم يعلم علم اليقين حقيقة البيت الحرام، فقداسة هذا البيت التي تعلمها الأقلية ونسيتها الأكثرية من كفار قريش هو قول الحق تبارك وتعالى على لسان سيدنا إبراهيم:{رَّبَّنَآ إني أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ المحرم رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصلاة فاجعل أَفْئِدَةً مِّنَ الناس تهوي إِلَيْهِمْ وارزقهم مِّنَ الثمرات}[إبراهيم: ٣٧] .
لقد جعلهم الله عَزَّ وَجَلَّ في هذا المكان ليقيموا الصلاة؛ لأنه سبحانه وتعالى يحب أن يعبد في الأرض ولو بواحد في هذا المكان، ولتظل عبادته دائمة. ومهما علت فئة من البشر مثل قريش فهي بصدها عن البيت الحرام قد اتبعت أهواءها، وسبحانه يحقق ما يريد، فهزم قريشا ونصر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، وعادت للكعبة حرمتها وصارت مكانا للعبادة لله بصفة مستمرة.
وإننا نجد تشريعات الحق سبحانه في أوقات الصلاة، فالصبح عند قوم هو ظهر عند قوم آخرين، والظهر عند قوم هو صبح عند قوم آخرين، والعصر عند قوم هو صبح أو ظهر أو مغرب أو عشاء عند أقوام آخرين، وهكذا نجد كل أجزاء النهار مشغولة بأوقات الاتجاه إلى الله، وهناك في كل لحظة من يتجه إلى بيت الله الحرام بصلاة ما في ميقاتها، ولا تخلو بقعة في الأرض من قول:«الله أكبر» ، وقد تم بناء البيت الحرام من أجل هذه الصلاة.
لكن قريشاً حولت الصلاة من خضوع وخشوع وعبادة لله تعالى واستحضار لعظمته وجلاله إلى ما يقول عنه الحق سبحانه وتعالى: