وهذا كلام منطقي مع موقف الشيطان حينما طرده الله ولعنه؛ لأنه رفض تنفيذ أمر السجود لآدم؛ فقال له الله عَزَّ وَجَلَّ:{وَإِنَّ عَلَيْكَ لعنتي إلى يَوْمِ الدين}[ص: ٧٨] .
حينئذ تضرع الشيطان إلى الله تعالى أن يبقيه إلى يوم القيامة:{قَالَ أَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ}[الأعراف: ١٤] .
وهكذا أقر الشيطان بطلاقة القدرة لله تعالى وبأنه عاجز لا يقدر على شيء أمام قوة الله، فقال الحق تبارك وتعالى:{قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ المنظرين إلى يَوْمِ الوقت المعلوم}[الحجر: ٣٧ - ٣٨] .
إذن فالشيطان لا قدرة له ولا قوة على فعل شيء، وكل ما يمكنه هو الخداع والتزيين والكذب، ولذلك أخذ يخدع الكفار ويكذب عليهم، وما أن صار المؤمنون والكفار على مدى رؤية العين بعضهم لبعض، هرب الشيطان وفزع ونكص على عقبيه، وأعلن خوفه من الله؛ لأنه يعلم أن الله شديد العقاب.
إذن فمصدر خوف الشيطان هنا هو الخوف من العقاب ومن العذاب الذي سيصيبه حتماً، ولم يفزع الشيطان - إذن - حبّاً لله تعالى.
ثم يعطينا الحق سبحانه وتعالى صورة أخرى:{إِذْ يَقُولُ المنافقون والذين فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ غَرَّ هؤلاء دِينُهُمْ ... }