لأن الكافر لا يستخدم عقله في أولويات الوجود، وهو لو استخدم عقله لعرف أنه أقبل على كون قد أعد إعداداً دقيقاً؛ شمس تضيء نصف الكون لتعطيه النهار، وتغرب ليطل قمر يضيء بالليل يؤنسه في الظلام؛ ونجوم تهديه الطريق في البر والبحر، ومطر ينزل لينبت الزرع. وحيوان مسخر له يعطيه اللبن واللحم ويحمل أثقاله. كان لا بد - إذن - للإنسان صاحب العقل أن يفكر: من الذي خلق له كل هذه النعم؟ لأن هذه هي من أولى مهمات العقل الذي يفكر، ويدلنا على الخالق. وكان لا بد في هذه الحالة أن يعرف الإنسان بعقله أن الذي صنع له كل هذه النعم وسخرها له لا بد أنه يريد به خيراً. ولذلك إذا جاءه المنهج من السماء عليه أن يتبعه؛ لأنه يعلم أن هذا المنهج خير ما يصلح له؛ لأنه جاء من خالقه.
وفي هذه الحالة كان لا بد لأمور الكون أن تستقيم. ولكن بعضاً من بني الإنسان ستروا وجود الله وكفروا به ولذلك يوضح لنا الحق تبارك وتعالى أنهم شرّ من الدواب، لأنهم لا يؤمنون.
ثم يقول الحق تبارك وتعالى بعد ذلك:{الذين عَاهَدْتَّ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنقُضُونَ عَهْدَهُمْ ... }