قوله تعالى:{بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً} . . أي رد عليهم، والخطاب لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بأنني سأكون تابعا لدين إبراهيم وهو الحنيفية. . وهم لا يمكن أن يخالفوا في إبراهيم فاليهود اعتبروه نبيا من أنبيائهم. . والنصارى اعتبروه نبيا من أنبيائهم ولم ينفوا عنه النبوة ولكن كلا منهم أراد أن ينسبه لنفسه.
ما معنى حنيفا؟ إن الاشتقاقات اللفظية لابد أن يكون لها علاقة بالمعنى اللغوي. . الحنف ميل في القدمين أن تميل قدم إلى أخرى. . هو تقوس في القدمين فتميل القدم اليمنى إلى اليسار أو اليسرى إلى اليمين هذا هو الحنف. . ولكن كيف يؤتي بلفظ يدل على العوج ويجعله رمزا للصراط المستقيم؟ .
لقد قلنا إن الرسل لا يأتون إلا عندما تعم الغفلة منهج الله. . لأنه مادام وجد من أتباع الرسول من يدعو إلى منهجه ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر يكون هناك خير.
النفس البشرية لها ألوان. . فهناك النفس اللوامة تصنع شرا مرة فيأتي من داخل النفس ما يستنكر هذا الشر فتعود إلى الخير. . ولكن هناك النفس الأمارة بالسوء وهي التي لا تعيش إلا في الشر تأمر به وتغري الآخرين بفعله. . إذا فسد المجتمع وأصبحت النفوس أمارة بالسوء ينطبق عليها قول الحق سبحانه:{كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ}[المائدة: ٧٩]
تتدخل السماء برسول يعالج اعوجاج المجتمع. . ولكن الله تبارك وتعالى وضع عنصر الخيرية في أمة محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إلى قيام الساعة.