للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويذيل الحق سبحانه وتعالى الآية بقوله:

{والله مَعَ الصابرين} [الأنفال: ٦٦] .

وأنت قد تقول: فلان سافر إلى الخليج ومعه عشرون جنيهاً. فإذا اندهش من يسمعك وتساءل: «ماذا يفعل بهذا المبلغ الصغير» ؟ تقول له: إن معه فلاناً «المليونير» فيطمئن السائل. فإن قلت: إن فلاناً وهو رجل كبير السن ذهب إلى الجبل ليحضر صخرة. . نتساءل: كيف؟ . يقال لك: إن معه فلاناً القوي فتطمئن.

إذن فمعية الضعيف للقوي أو الأدنى للأعلى تصنع نوعاً من الاستطراق، وتعطي من القوي للضعيف، ومن الغني للفقير، ومن العالم للجاهل، إذن فالمعية تعطي من قوة التفوق قدرة للضعيف.

وهنا يوضح المولى سبحانه وتعالى للمؤمين: إن قوتكم وقدرتكم على الصبر محدودة لأنكم بشر، فلا تعزلوا هذه القوة المحدودة عن قدرة الله غير المحدودة، واصبروا لأن الله مع الصابرين. ولأنه سبحانه معكم فهو يعطيكم من قوته فلا تستطيع أي قوة أن تتغلب عليكم وتقهركم.

ولقد تعرضنا لهذا وقت أن تكلمنا عن الغار، حين دخل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وسيدنا أبو بكر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه الغار في طريق الهجرة إلى المدينة وجاء الكفار ووقفوا على باب الغار فماذا قال أبو بكر لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ؟ قال: لو نظر أحدهم تحت قدميه لرآنا. وهذا كلام منطقي مع الأسباب. فماذا قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ له ليطمئنه؟ . قال: ما ظنك باثنين الله ثالثهما؟ ولكن ما وجه الحجة في ذلك؟ . لقد قال: ما دام الله ثالثهما، والله لا تدركه الأبصار، فالذين في معيته لا تدركهم الأبصار.

<<  <  ج: ص:  >  >>