ونقول: إن هناك فرقاً بين حكم يسبق الحدث فلا يخالفه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، وحكم يجيء مع الحدث، ولا بد أن نفرق بين الحكمين؛ حكم يسبق الحدث إن خولف تكون هناك مخالفة ولكنَّ حكماً يأتي مع الحدث، فهذا أمر مختلف، لنفرض أنك جالس وجاء لك من يقول إن قريبك فلان ذهب إلى المكان الفلاني، وأنه ينفق على كذا، وأعطي كمبيالة على نفسه بمبلغ كذا.
اذهب إليه لتمنعه، فتذهب إليه وتمنعه، هنا جاء الحكم مع الحدث، فلا تكون هناك مخالفة.
قد جاء هذا الحكم بعد أن تم أسر كفار قريش وأخذوا إل المدينة، وتشاور رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ مع الصحابة بشأنهم ووصلوا إلى رأي. إذن فالحكم جاء بعد أن انتهت العملية، والدليل على ذلك أن الله سبحانه وتعالى لم يغير الحكم، فظل الأسر والفداء. إذن:{مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أسرى} أي ما ينبغي لنبي أن يكون له أسرى حتى يقسو على الكفار في القتال.
ويريد الحق سبحانه وتعالى هنا أن ينبه المؤمنين إلى أنهم لو كانوا يريدون الأسرى لعرض الدنيا، كأن يطمع أي واحد في من يخدمه، أو يطمع في امرأة يقضي حاجته منها، أو في مال يبغي به رغد العيش، كل ذلك مرفوض؛ لأنه سبحانه وتعالى لا يريد من المؤمن أن يجعل الدنيا أكبر همه، بل يريد الحق من المؤمنين أن يعملوا ويحسنوا الاستخلاف في الأرض؛ ليقيموا العدل على قدر الاستطاعة؛ وليجزيهم الله من بعد ذلك بالحياة الدائمة المنعمة في الجنة.