للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كلام الله تعالى وعن الاستماع إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، وكانوا يقولون لأهل الحجيج: لا تصدقوا الرجل الذي يقول إنه نبي، وهذه شهادة منهم أن الآذان لو استقبلت القرآن لسحبت أفئدتهم إلى الإيمان، وهذه شهادة ضدهم وليست لهم؛ لأنهم واثقون أن سماع الحجيج لدعوة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ستبعدهم عن الكفر؛ لذلك كانوا يخافون من أن يتأثر الناس بهذا الدين الذي هو دين الحق فيؤمنوا به وهذا ما جعلهم يصدونهم عنه.

ثم يقول الحق سبحانه وتعالى:

{إِنَّهُمْ سَآءَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} [التوبة: ٩] .

وساء أي قبح، وليس هو قبح الآن فقط، ولكنه قبح حاليا وعظمت العقوبة عليه مستقبلاً.

وقوله تعالى:

{إِنَّهُمْ سَآءَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} [التوبة: ٩] .

يرينا دقة القرآن الكريم في أن السيىء منهم ليس عملاً واحداً ولكنه أعمال متعددة؛ قول وفعل، أي هم يصدون الناس بالكلام ويمنعونهم باستخدام القوة في بعض الأحيان. وباستخدام الحق لكلمة «يعملون» ؛ يلفتنا إلى أن أعمالهم ليست قولاً وليست فعلاً فقط، فهناك القول وهناك الفعل وكلاهما عمل؛ القول عمل اللسان، والفعل عمل الجوارح. فلو قال الحق: ساء ما كانوا يفعلون، لقلنا فعلوا ولم يقولوا. ولو قال: ساء ما كانوا يقولون، لقلنا: قالوا ولم يفعلوا. وسبحانه أوضح لنا أن القول والفعل كلاهما عمل، وقال سبحانه: {ياأيها الذين آمَنُواْ لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونَ} [الصف: ٢] .

ليبين لنا أن هناك فرقاً بين القول والفعل؛ القول أداته اللسان، والفعل أداته بقية الجوارح، والمعنى في قوله تعالى: {إِنَّهُمْ سَآءَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} أي ساء قولهم وفعلهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>