فمثلا في القانون في ألمانيا وصلوا إلى مادة في القانون سموها:«سوء استغلال الحق» فأنت لك حقوق، ولكنك قد تسيء استغلالها. وبدأت الدولة في ألمانيا تتجه نحو تشريع قوانين تهدف لمنع إساءة استغلال الحقوق ووضع شروح لهذه القوانين وتطبيقها إلى آخره، وذهب محام مسلم من بني سويف ليحصل على الدكتوراه من ألمانيا، فاطلع على هذه المسألة، وقد كان يحضر محاضرة يلقيها صاحب قانون نظرية «سوء استغلال الحق» ، فقام المحامي المسلم وقال له: أنت تقول إنَّك واضع هذه النظرية؟ .
فقال المحاضر الألماني: نعم. فقال المحامي: لقد جاءت هذه النظرية منذ أربعة عشر قرناً في منهج الإسلام. وارتبك المحاضر الألماني ارتباكا شديداً، وجاء بالمستشرقين؛ ليناقشوا هذا المحامي المسلم، وجاءوا بكتب السيرة النبوية، وأخرج المحامي للمستشرقين قصة من سيرة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ تقول: إن رسول الله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ كان جالسا فجاءه صحابي يشكو من أن أحد الصحابة له نخلة في بيته، والبيت مملوك للصحابي الشاكي، والنخلة مملوكة لصاحبي آخر، وقد تعوَّد أن يأتي الصحابي صاحب النخلة إليها كثيراً ليشذبها ويلقحها ويطمئن عليها، وكأنه قد جعلها «مسمار جحا» كما يقول المثل الشعبي، فتعرضت عورة أسرة الصحابي صاحب البيت إلى الحرج، فذهب يشكو الأمر إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، وأحضر الرسول صاحب النخلة وأوضح له بما معناه:«إما أن تهب النخلة لصاحب البيت، وإما أن تبيعها له بالمال، أو أن تقطعها» .
لقد أوضح له الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: أن النخلة حقك ولكنك