الآخر وكل يحاول أن يأتي بالحجة التي تثبت صدق كلامه فيرد عليه خصمه بالحجة التي تهدم هذا الكلام وهكذا.
قوله تعالى:{أَتُحَآجُّونَنَا فِي اللَّهِ وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ} . . ومادام الله رب الجميع كان من المنطق أن نلتقي لأنه ربي وربكم حظنا منه سواء. . ولكن مادامت قد قامت الحجة بيننا فأحدنا على باطل. . واقرأ قوله سبحانه:{والذين يُحَآجُّونَ فِي الله مِن بَعْدِ مَا استجيب لَهُ حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ}[الشورى: ١٦]
والمحاجة لا يمكن أن تقوم بين حق وحق وإنما تقوم بين حق وباطل وبين باطل وباطل. . لأن هناك حقا واحدا ولكن هناك مائة طريق إلى الباطل. . فمادامت المحاجة قد قامت بيننا وبينكم ونحن على حق فلابد أنكم على باطل. . وليحسم الحق سبحانه وتعالى هذه المسألة ويمنع الجدل والجدال قال سبحانه:{وَلَنَآ أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ} . . أي لا نريد جدلا لأن الجدل لن يفيد شيئا. . نحن لنا أعمالنا وأنتم لكم أعمالكم وكل عمل سيجازى صاحبه عليه بمدى إخلاصه لله. . ونحن أخلصنا العبادة لله وحدة وأنتم اتجهتم بعبادتكم إلى ما تحبه أهواؤكم.
إن الله سبحانه وتعالى الذي هو ربنا وربكم لا يفضل أحدا على أحد إلا بالعمل الصالح المخلص لوجه الله. . ولذلك فنحن نضع الإخلاص أولا وقد يكون العمل واحدا أمام الناس. . هذا يأخذ به ثوابا وذلك يأخذ به وزرا وعذابا فالمهم هو أن يكون العمل خالصا لله.
قد يقول إنسان إن الإخلاص في العمل والعمل مكانه القلب. . ومادام الإنسان لا يؤذي أحدا ولا يفعل منكرا فليس من الضروري أن يصلي مادامت النية خالصة. . نقول إن المسألة ليست نيات فقط ولكنها أعمال ونيات. . ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يقول: