للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حيثية، ونقضهم العهود وبدْؤُهم القتال يجعلكم تقاتلونهم؛ لتأمنوا شرهم.

{أَلاَ تُقَاتِلُونَ قَوْماً نكثوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّواْ بِإِخْرَاجِ الرسول وَهُم بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ} [التوبة: ١٣] .

وقوله تعالى: {أَلاَ تُقَاتِلُونَ} حث على القتال، أي: ما الذي يمنعكم من قتالهم إلا أن تكونوا خائفين منهم، ولذلك يقول تبارك وتعالى:

{أَتَخْشَوْنَهُمْ فالله أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُمْ مُّؤُمِنِينَ} [التوبة: ١٣] .

وهنا يلفت الحق سبحانه نظر المؤمنين إلى أنهم إن كانوا أمام حالين، خشية من البشر وإيذائهم، وخشية من الله، فالأحق بالخشية هو الأشد والأعظم والأدوم عقاباً. ولأنكم إذا ما قارنتم قوة هؤلاء بقوة الله، فالله أحق بالخشية قطعاً. وإذا كنت بين اختيارين فأنت تقدم على أخف الضررين، فكيف يخاف المؤمنون ما يمكن أن يصيبهم على أيدي الكفار؟ ولا يخشون ما يصيبهم من الله.

وأوضح الله سبحانه وتعالى أنه لا خشية من الكفار في آية أخرى من ذات السورة، هي قوله سبحانه: {قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَآ إِلاَّ إِحْدَى الحسنيين وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَن يُصِيبَكُمُ الله بِعَذَابٍ مِّنْ عِندِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فتربصوا إِنَّا مَعَكُمْ مُّتَرَبِّصُونَ} [التوبة: ٥٢] .

وهكذا أزال الحق سبحانه وتعالى الخوف من نفوس المؤمنين، فماذا سيحدث لكم من جنود الكفر؟ إما أن تستشهدوا فتدخلوا الجنة وإما أن تنتصروا. وقوله تعالى: {أَتَخْشَوْنَهُمْ} استفهام استنكاري معناه: ما كان يصح أبدا أن تخشوهم وتخافوهم؛ لأنهم لو كانوا أقوى منكم وتغلبوا عليكم فزتم

<<  <  ج: ص:  >  >>