الصحيح أن وجه الله عَزَّ وَجَلَّ في كل الوجود، ولكن إياك أن تفهم أن تحديد الله للكعبة لتكون متجهنا، أنها هي وجه الله، لا، لكننا مأمورون بالاتجاه لها في الصلاة. وأنت إذا نظرت أيضا إلى المسلمين في كل الدنيا سوف تجد أن كل مسلم في الأرض يتجه للكعبة في صلاته، وما دامت الكعبة مركزا، وكلنا نتجه إليه؛ فسوف تجد من يتجه وهو شرقه، وواحد يتجه وهو غربه، وواحد يتجه وهو شماله، وواحد يتجه وهو جنوبه.
إذن {فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ الله} ، وما دمنا قد عرفنا أن المساجد محيزة ومخصصة للعبادة؛ فلا يجوز أن يأتي إليها مشرك، ولا نقبل أن يساهم في إصلاحها ولا نظافتها مشرك؛ لأن الله غني عن ذلك، وعلينا أيضا ألا نناقش أمورنا الدنيوية في مسجد، ويقول رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ:«يأتي على الناس زمان يتحلقون في مساجدهم وليس همتهم إلا الدنيا، ليس لله فيهم حاجة فلا تجالسوهم»
كأنه لم يكفهم حب الدنيا خارج المسجد ويطمعون في الدقائق التي يخصصونها للصلاة، فيجرجرون الدنيا معهم إلى المسجد، وأقول لهم: لماذا لا تتركون مصالح الدنيا في تلك الدقائق؟ إن الواحد منكم إنما يحيا في سائر الدنيا في نعمة الله. إذن فليجعل نصيبا من وقته لله صاحب النعمة.
إذن لا بد أن نعرف أننا ما دمنا قد خصصنا مكانا لعبادة الله، فلا بد أن نصحب هذا التخصيص في المكانية إلى التخصيص في المهمة التي يدخل الإنسان من أجلها للمسجد، فيتجه إلى الله؛ لأن المسجد خاص لعبادة الله؛ ومع أن الأرض كلها تصلح للصلاة، لكنك حين تأتي إلى المسجد اصحب معك أخلاق التعبد. ويجب أن يكون الانفعال، والتفاعل، والحركة والنشاط كله في الله، ولذلك فأفضل ما تفعله ساعة تدخل المسجد، هو أن تنوي