درجات النقاء. ثم يقول الحق سبحانه وتعالى:{يَكَادُ زَيْتُهَا يضياء وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ}[النور: ٣٥] .
أي: أن كل شيء مضيء بذاته، ويضيف من قوة الضوء للنور، فالدائرة الصغيرة مضيئة؛ يزيد نورها زجاجة تكثف النور، والزجاجة ذاتها مضيئة فتعطي إضافة، والزيت مبارك ليست فيه أية شوائب فيعطي ضوءا ساطعا، وفوق ذلك كله تجد الزيت مضيئاً بذاته، دون أن تمسه النار، فكأنه نور على نور، فلا يصبح في هذه الدائرة الصغيرة أي نقطة مظلمة، كذلك تنوير الله لكونه المتسع فلا توجد فيه نقطة واحدة مظلمة، بل كله مغمور بنور الله، وإياك أن تظن أن هذا القول:{الله نُورُ} هو تشبيه لله، بل هو تشبيه لتنوير الله سبحانه وتعالى لكونه الذي يشمل السموات والأرض وما بينهما.
وهناك قصة مشهورة للشاعر أبي تمام حين كان يمتدح أحد الخلفاء فقال:
إقدام عمرو في سماحة حاتم ... في حلم أحنف في ذكاء إياس
وهكذا جاء الشاعر بأولئك الذين اشتهروا بالإقدام والشجاعة كعمرو، وبالسماحة والكرم كحاتم، وبالحلم كأحنف بن قيس، وبالذكاء كإياس، وقال الشاعر ممتدحا الخليفة: إنك قد جمعت كل هذه الصفات، التي لم تجمع في واحد من خلق الله من قبل.