يشاء كما قسم بينهم معيشتهم وأعطاهم الرزق المادي، وإذا كان المولى سبحانه قد قسم رزقهم في الأدنى، فكيف يريدون هم أن يتصرفوا في الأعلى؟ لقد قالوا ما جاء في القرآن على ألسنتهم:{اللهم إِن كَانَ هذا هُوَ الحق مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السمآء أَوِ ائتنا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}[الأنفال: ٣٢] .
وكان المنطق الصواب أن يقولوا: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فاهدنا إليه، ولكنهم بغبائهم طلبوا الموت بدلاً من الهداية. فقد كانت عصبيتهم - إذن - ضد شخص الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ.
وكان على من يعلن إيمانه بالله منهم أن يشهد أن محمداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ هو رسول الله.
وهذا القول يحمل في مضمونه إيماناً برسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ؛ لأن الله يقول بعدها:{وَأَقَامَ الصلاوة} وإقامه الصلاة لا تصح منهم إلا إذا آمنوا برسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فهو الذي قال لنا إنها خمس، وهو الذي علمنا كيف نؤديها وماذا نقول فيها، وهو الذي نشهد له ونحن نصلي؛ في الإقامة وفي التشهد، إذن فساعة نقيم الصلاة لا بد أن نكون مؤمنين برسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ. وعلى ذلك فقوله تعالى:{وَأَقَامَ الصلاوة} يقتضي ضرورة الإيمان برسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ. واشترط سبحانه وتعالى في هذه الآية