للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عنده فهو لا يقبل شهادتك ويحتقر كلامك.

ولذلك قال الحكماء: شاهد الزور قد يرفع رأسك على الخصم بشهادته، ولكنك تدوس بقدمك على كرامته لأنه سقط في نظرك.

والانتماء إذن هو انتماء لله، فإن صادفك قريب يريد منك أن تفعل ما يغضب الله فلا تطعه، ولكن لا تكن فظا معه. وخصوصا مع الوالدين لأن الله سبحانه وتعالى يقول عنهما: {وَإِن جَاهَدَاكَ على أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدنيا مَعْرُوفاً} [لقمان: ١٥] .

والحق سبحانه وتعالى يقول هنا:

{ياأيها الذين آمَنُواْ لاَ تتخذوا آبَآءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَآءَ إِنِ استحبوا الكفر عَلَى الإيمان} [التوبة: ٢٣] .

إذن فالذي يربط كل شيء هو الكفر أو الإيمان. وقد أعطانا صحابة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - المثل الخالد. فقد كان سيدنا مصعب بن عمير أكثر الفتيان تدللا في مكة، وكانت حياته في مكة قبل إسلامه غاية في الترف، وكان يرفل في الثياب الفاخرة، فلما هاجر إلى المدينة عاش ظروف الفقر المادي الصعب، لدرجة أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رآه في الطريق ساترا عورته بجلد شاة فلفت النبي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ نظر الصحابة إلى حالته هذه وكيف فعل الإينما بمصعب حيث فضل الإيمان على نعيم الدنيا كلها. لقد رأى مصعب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه - أن شرفه بالانتماء إلى الإسلام أكبر من فاخر الثياب، وترف العيش وانطبق عليه قول الحق تبارك وتعالى:

<<  <  ج: ص:  >  >>