لرسول الله، لكن قلبه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ معهم لأنهم أهل إيمان بالقمة. ويُسَرِّي الحق عن رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فيقول:{الم غُلِبَتِ الروم في أَدْنَى الأرض وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ}[الروم: ١ - ٣] .
وهنا يبرز سؤال يقول: متى سيغلبون؟ تأتي الإجابة من الحق تبارك وتعالى:{فِي بِضْعِ سِنِينَ}[الروم: ٤] .
والبضع بالنسبة للزمن هو فترة تتراوح من ثلاث لتسع سنوات، ولم يحدد الحق سبحانه وتعالى البضع هنا؛ لأن المعارك لها أوليات ونهايات، لهذا جاء قول الحق تبارك وتعالى مراعياً لما تستغرقه هذه المراحل كلها، وجاء القول بأن نصر الروم على الفرس سوف يأتي بعد بضع سنين.
وبالله قولوا لي: كيف يتحكم نبي أمي في جزيرة تسكنها أمة أمية، ولا علم لهذا الرسول بأخبار الأمم وكيف لهذا النبي أن يأتي بأخبار نصر أمة على أخرى؟ ويظل هذا الخبر في الكتاب الذي يحمل منهج رسالته قرآناً يُتْلَى ويتعبد به إلى قيام الساعة؟ لقد قالها بثقة في حدوث ما جاء في القرآن في المستقبل القريب؛ لأنها جاءته عن ربه، وهو واثق أن قائل هذا الخبر قادر على إنفاذ ما يقول.
وإلا، فماذا كان يحدث لو أن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قال ذلك ثم مر بضع سنين ولم يأت نصر الروم؟ وماذا يكون موقف الذين آمنوا به كرسول من عند الله؟
إذن: هو صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لم يكن ليجازف وينطقها إلا بثقة في أن القائل هو الحق سبحانه الذي شاء أن ينزل بالخبر في آية قرآنية تُتلى، وتُكتب، وتُحفظ، ويُصَلَّى بها في كل وقت إلى أن تقوم الساعة. وينزلها سبحانه على محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وقت أن كان ضعيفاً لا يعرف ميزان القوي، ولا يعلم هل ستستعد الروم لتنتصر أو لا؟