الصفات وكمالها؛ لأن بعضهم قال: إن الله له ابن اسمه عزير، وقال البعض الآخر: المسيح ابن الله، إذن فهم لم يؤمنوا بالله حق الإيمان تسبيحاً وتنزيهاً لذاته الكريمة عَمَّا لا يليق بها، وكذلك يختلف إيمانهم باليوم الآخر عن الإيمان الحق به، إنه إيمان لا يتفق مع مرادات الله تعالى؛ فهم يقولون مثلاً: إن النعيم في الآخرة ليس مادياً ولكنه نعيم روحي.
ونقول: عندما يحدثنا الله عن نعيم الآخرة فلا بد أن نعرف هذا النعيم حتى نفهم المعنى، ونتساءل: ما هو النعيم الروحي؟ هل النعيم الروحي هو خواطر في النفس فقط لا علاقة لها بالحقيقة؟ أيكون هذا هو نعيم الآخرة؟
لقد أوضح المولى سبحانه وتعالى بما لا يدع مجالاً للظن أو الشك أنه قد أعد جنة للمؤمنين وأعد ناراً للكافرين، وحكى لنا الحق سبحانه وتعالى عن هذه الحياة بما فيها من ثواب ومن عقاب؛ بما يقنعنا أن فيها نعيمًا مثل الذي نعرفه، فإذا كان هذا النعيم روحياً ونحن لا نعرف النعيم الروحي ولا نعلم شيئاً عنه، فكيف يغرينا الله عَزَّ وَجَلَّ بشيء لا نعلمة؟ إذن: فإيمان هؤلاء الناس باليوم الآخر ليس إيماناً كما يريده الله.
فسبحانه حين يحدثنا عن الجنة إنما يحدثنا عن أشياء من جنس ما نعرف وليس من جنس ما لا نعرف. وصحيح أن الله سبحانه وتعالى قد بيَّن لنا بعض صور النعيم في الجنة، وقال: إنها مثل كذا وكذا. قال الحق جل جلاله:{مَّثَلُ الجنة التي وُعِدَ المتقون تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنهار أُكُلُهَا دَآئِمٌ وِظِلُّهَا تِلْكَ عقبى الذين اتقوا وَّعُقْبَى الكافرين النار}[الرعد: ٣٥] .
إذن: فالله عَزَّ وَجَلَّ يعطي مثلاً فقط. ومعلوم أن اللفظ في اللغة لا بد أن يوضع لمعنى معروف. ولذلك فعندما يحدثنا الله عن نعيم الجنة لا بد أن يحدثنا بكلام نعرف معانيه. ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قال عن الجنة: «