مشهد قتل الأنبياء فخرج شارداً في الصحراء مهاجراً وهارباً، فقابله شخص في الطريق فسأله: لماذا أنت شارد؟ فقال: خرجْت أطلب العلم. وكان هذا الشخص هو جبريل عليه السلام، فعلَّمه أن لله توراة، فحفظها فصار واحداً من أربعة، هم فقط من حفظوا التوراة: موسى، وعيسى، وعزير، واليسع، ولأن الكتب قديماً لم تكن تكتب على ورق رقيق مثل زماننا، بل كانت تكتب على الأحجار وسعف النخيل، لذلك كان وزن التوراة يقدر بسبعين حِمْل بعير، وحين رجع عزير حافظاً للتوراة، اندهش قومه وقالوا: لا بد أنه ابن الله؛ لأن الله أعطاه التوراة وآثره على القوم جميعاً. ونشأت جماعة من اليهود تؤمن بذلك، وكان منهم سلاَّم بن مشكم، وشاس بن قيس، ومالك ابن الصيف، ونعمان بن أوفى. وحينما أنزل الله قوله:{وَقَالَتِ اليهود عُزَيْرٌ ابن الله} لم ينكر اليهود المعاصرون لهذا النزول تلك المسألة ولم يكذبوها، فكأن هناك من اليهود الذين كانوا بالمدينة من كان يؤمن بذلك، وإلا لاعترضوا على هذا القول، وهذا دليل على أن ما جاء بالآية يصدق على بعضهم أو هم عالمون بأن قوماً منهم قد قالوا ذلك. وكذلك قالت النصارى عن عيسى عليه السلام، فجاء قول الحق تبارك وتعالى:{وَقَالَتْ النصارى المسيح ابن الله}
ويتابع الحق:{ذلك قَوْلُهُم} فيوضح لنا سبحانه أن النبوة لله جاءت فيها مشبهة، كان يجب أن يلتفتوا إليها وينزهوا الله عن ذلك؛ لأن الحق سبحانه وتعالى يصف عباده بأنهم عباد الله، وأن الخلق كلهم خلق الله تعالى.
فالمولى سبحانه وتعالى وهو الخالق والقادر على كل شيء خلق كل الخلق