إذن: فالعقم أيضاً هبة إلهية؛ لأن الإنسان إذا ما استقبل العقم برضا الله؛ لَوَجَد في كل رجل يراه ابناً له؛ لأنه استقبل الهبة في المنع برضا، مثله مثل من استقبل الإناث كاستقبال الذكور. إذن: ما دامت المسألة هبة من الله فيجب أن تستقبل عطاء الله ومنعه بالرضا.
وعيسى عليه السلام جاء بنسبة طلاقة القدرة من الخالق سبحانه وتعالى؛ لأن القسمة العقدية والعقلية لا تتم إلا به، ولن تتكرر؛ لأن آدم وُجِدَ أولاً، ومن وجدوا بعد آدم جاء كل منهم من أبوين، وكذلك حواء وُجِدَت من قبلهم، فهذه ثلاث صور قد وجدت في الكون وبقيت صورة ناقصة، هي أن يوجد إنسان من أم دون أب، فأتمها الله عَزَّ وَجَلَّ بعيسى عليه السلام:
{وَقَالَتْ النصارى المسيح ابن الله ذلك قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ}
وقول الحق {ذلك} إشارة إلى القول بأن المسيح ابن الله أو عزير ابن الله، ويضيف الحق عَزَّ وَجَلَّ توضيحاً {ذلك قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ} . ونسأل: وهل يوجد قول بغير أفواه؟ إن كل قول إنما يكون بالأفواه؛ حتى قول المؤمنين بأن الله واحد وأن محمداً رسول الله هو قول بالأفواه. ونقول: هناك قول بالفم فقط دون أن يكون له معنى من المعاني، وهناك قول بالفم أيضاً وله معنى، إلا أنه غير حقيقي، وكاذب.
ولنعرف أولاً: ما هو القول؟ إنه كلام يعبر به كل قوم عن أغراضهم؛ كأن تقول للطفل: اجلس، ولا بد أن يكون الطفل فاهماً لمعنى الجلوس، وإن قلتها بالعربية لطفل إنجليزي فلن يفهم معناها.
إذن: فاللغة ألفاظ يعبر بها كل قوم عن أغراضهم، والغرض هو معنى متفق عليه بين المتكلم والسامع، ولا بد أن يعرف الاثنان ما يشير إليه اللفظ من