للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

العمل، ولذلك لا بد للإنسان المسلم أن يعمل على قدر طاقته، وليس على قدر حاجته. والعمل على قدر الحاجة يجعله يوفي بحاجات من يعولهم، ولا يضطرهم إلى أن يمدوا أيديهم للآخرين؛ أي أنه يقيهم شر الحاجة. أما العمل على قدر الطاقة فيجعله يأخذ حاجته، ويعطي لغير القادر ما يقيم حياته، وبذلك يقدم الخير لنفسه ومن يعولهم وللآخرين.

إن المجتمع الذي يجد فيه غير القادر حاجته، هو مجتمع يملؤه الاطمئنان بالنسبة للقادر وغير القادر. ونحن نعلم أننا نعيش في دنيا أغيار، ولا يوجد من يدوم غناه أو من يدوم فقره؛ لأن دوام الحال من المحال، إن عاش الغني في مجتمع متكافل يجد فيه الفقير حاجته فهو لن يخشى تقلبات الزمن؛ لأنه وهو الآن يعطي الفقير، إن أصبح فقيراً فسوف يجد مقومات حياته، والفقير إذا أغناه الله تعالى فسيذكر أنه كان يأخذ من الأغنياء، فيبادر ليعين الفقراء كنوع من رَدِّ الجميل. وبذلك يعيش المجتمع كله حياة آمنة، كما أن الحياة في مثل هذا المجتمع إنما تهيىء الاطمئنان للناس على أولادهم وذريتهم، ذلك أن الأعمار بيد الله، وعندما يحس الإنسان بأنه إن مات وترك أولاداً صغاراً ضعافاً فسوف يتكفل المجتمع بهم، عندئذ يحس بالأمان في حياته، ولكن إذا كان المجتمع قاسياً يضيع في حق اليتيم، فالأب يعيش غير مطمئن على أولاده الصغار، ولهذا نجد أن الحق تبارك وتعالى قد أمر بكفالة اليتيم؛ ليعوضه عن أب واحد بآباء متعددين يَرْعَونهُ، فَيُحسُّ الأب بالأمان وتُحس الأم بالأمان ويحس الصغار بالأمان، ولذلك يقول الحق سبحانه وتعالى:

<<  <  ج: ص:  >  >>