الأسباب - إذن - هي للناس جميعاً، ولهم أن يتخذوا الأزمان المواتية لحركة الحياة كما يحبون، فيسيرون الزراعات على أي تقويم، ويحددون المواسم على حسب ما يفيدهم، وهم يحددون بذلك مصالحهم المادية التي هي من عطاء الربوبية. ولكن الله رب قَيِّم، ولذلك فهناك عطاء ألوهية لله في المنهج الذي أرسل به الرسل للناس فأوضح: أنا أختار الزمان الذي أجده مناسباً للقيم والمعاني السامية، وأختار الأماكن المناسبة للقيم والمعاني السامية.
وأراد الحق برسالة محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أن يشيع اصطفاء المكان والزمان لكل الزمان والمكان.
والشهور والأزمان عند الله هي اثنا عشر شهراً، وما دام قد قال:{عِندَ الله} ، فهناك «عند» غير الله؛ وهناك «عند» الناس.
وأوضح سبحانه لخلقه: قَدِّروا أزمانكم بمصالحكم، وهذا ما يحدث في الواقع المعاش. . إنك تجد من يزرع حسب التقويم القبطي، حيث تكون شهور الصيف فيه ثابتة، وكذلك شهور الشتاء والربيع والخريف؛ لأن التقويم القبطي قائم على التقويم الشمسي.
ولكن الحق سبحانه وتعالى يريد للقيم أزماناً مخصوصة؛ لذلك قال:{إِنَّ عِدَّةَ الشهور عِندَ الله اثنا عَشَرَ شَهْراً} وأوضح سبحانه: لا تجعلوا زمن القيم كالأزمان التي تجعلونها لمصالحكم.
وأراد الله سبحانه أن تعم القِيمَ كل الزمن، ولا تكون مقصورة على أزمان معينة، ولذلك اختار سبحانه أزماناً للصلاة مثلاً، فصلاة الصبح لها قوت، وصلاة الظهر لها وقت، والعصر لها وقت، والمغرب لها وقت، والعشاء لها وقت. ولكن أوقات الصلاة رغم أنها محدودة فهي تشمل