بينما قلب سيدنا عمر بن الخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنْه كان مملوءاً قوة وحزماً، انظر إلى موقف الاثنين عندما انتقل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إلى الرفيق الأعلى؛ وارتد عدد من المسلمين عن الإسلام، ومنعوا الزكاة؛ وقرر أبو بكر الصديق رَضِيَ اللَّهُ عَنْه أن يحارب هؤلاء المرتدين؛ لأنهم أنكروا ركناً من أركان الإسلام، هنا وقف عمر بن الخطاب ضد رأي أبي بكر وقال: يا أبا بكر أنحارب أناساً شهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله.
فقال أبو بكر: أجبار يا عمر في الجاهلية خوّار في الإسلام؟ والله لو منعوني عقال بعير كانوا يؤدونه إلى رسول الله لقاتلتهم عليه.
وهكذا انقلبت المواقف؛ فالقوة والشدة ملأت قلب أبي بكر الذي كان مشهوراً بالرقة والرحمة والعطف، بينما امتلأ قلب عمر باللين، وهو المشهور بالشدة والقوة. ولو أن عمر هو الذي قال كلمة أبي بكر لقالوا: شدة ألفها الناس من عمر.
ولكن الناس قالوا عن عمر الشديد:«قد لاَنَ قلبه بينما اشتد قلب أبي بكر» هذه هي المواقف الإيمانية التي تملأ نفس كل مؤمن. فالذي يصنع موقف المؤمن هو إيمانه لا طبعه؛ ولذلك قال الحق في وصفه للمؤمنين:{فَسَوْفَ يَأْتِي الله بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى المؤمنين أَعِزَّةٍ عَلَى الكافرين ... }[المائدة: ٥٤] .