وعمه مكانه فذهبا إلى مكة ليروه، فقال له رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ:» فأنت قد علمت ورأيت محبتي لك فاخترني أو اخترهما «. فقال زيد: ما أنا بالذي أختار عليك أحداً، أي: أنه اختار أن يبقى مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ولا يذهب مع أهله، فأراد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أن يكافئه؛ فألحقه بنفسه وقال:» يا من حضر اشهدوا أن زيداً ابني يرثني وأرثه «وكان التبني مباحاً عند العرب، وأراد الحق أن يُلغي التبني وأن يطبق رسول الله هذا الإلغاء بنفسه، فجاء قول الحق سبحانه وتعالى:{مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَآ أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ ولكن رَّسُولَ الله}[الأحزاب: ٤٠] .
وهكذا أنهى الحق سبحانه وتعالى التبني، وقال سبحانه وتعالى:{ادعوهم لآبَآئِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ الله}[الأحزاب: ٥] .
و {أَقْسَطُ} يعني» أعدل «، كأن الحق سبحانه وتعالى لم يَنْف عن رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ العدل، ولكنه أنزل ما هو أعدل. إذن: فساعة ترى أَفعل التفضيل؛ فاعلم أنه يعطي الصفة الزائدة ويُبقي الصفة الأصلية. وفي الآية التي نحن بصددها {ذلكم خَيْرٌ} ومقابلها: أن القعود عن الجهاد بالمال والنفس شر.
يقول الحق سبحانه:{ذلكم خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} إذن: فهناك موازين نعرف بها ما هو خير وما هو شر. . وحينما قال الحق:{إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} فكأن هناك مقدمات للعلم، فإن لم يكونوا يعلمون؛ فالله يعلمهم، ذلك أن الذي يجاهد بماله ونفسه يكون قد اقتنع بيقين أنه سوف يحصل من الجهاد على ما هو خير من المال والنفس. وأيضاً: إن قُتل فهو باستشهاده صار أسوة حسنة لمن يأتي بعده. وحين أوضح