للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعندما نزلت هذه الآيات جاء ثعلبة ليدفع الزكاة لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فلم يقبلها منه. وعندما توفي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ جاء ثعلبة إلى أبي بكر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه فلم يقبل منه الزكاة. وبعد أبي جاء إلى عمر بن الخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنْه فلم يقبلها منه. ومات ثعبلة في عهد عثمان. هذا هو عدم القبول.

ولكن هناك في عهد الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ من دفع الزكاة من المنافقين وقُبلَتْ منه، ولكن الله لم يتقبلها منه. إذن: فكل عمل قد يُقبل من فاعله، ولكن الله سبحانه وتعالى قد يتقبله أو قد لا يتقبله. إذن فالآية معناها: أنه الله لن يتقبل من هؤلاء المنافقين إنفاقهم في الخير ولو تقبله البشر.

ثم يعطينا الحق سبحانه وتعالى السبب في ذلك فيقول:

{إِنَّكُمْ كُنتُمْ قَوْماً فَاسِقِينَ} وكما قلنا: إن كلمة الفاسق مأخوذة من «فسقت الرُّطَبَة» أي انفصلت القشرة عن الثمرة. وقشرة البلح مخلوقة لتحفظ الثمر. وعلمنا أن المعاني في التكليف الشرعي قد أُخذت من الأمور الحسّية؛ ولهذا تجد أن الدين سياج يمنع الإنسان من أن يخرج على حدود الله ويحفظه من المعصية، والإنسان حين ينفصل عن الدين إنما يصبح كالثمرة التي انفصلت عن سياجها.

فالذي يشرب الخمر أو يرتكب الجرائم أو الزنا يُعاقب على معصيته، أما إن كان الإنسان منافقاً بعيداً عن الإيمان بالله فطاعته لا تقبل. وهَبْ أن الإنسان مؤمن بالله ولكنه ضعيف أمام معصية ما، هنا نقول: لا شيء يجور على شيء، إن له ثوابَ إيمانه وعليه عقاب معصيته.

<<  <  ج: ص:  >  >>