بقتل أبي فأمرني بقتله؛ حتى لا ألقي قاتله من المسلمين وفي قلبي غِلٌّ عليه.
وعندما يسمع الأب أن ابنه يطلب أن يكون قاتله، أليس هذا عذاباً في قلبه؟ وهكذا نرى أن الأموال والأولاد الذين كان من المفروض أن يكونوا نعمة يصبحون نقمة، أليس هذا عذاباً في الدنيا؟
ولكن غير المؤمنين لا يلتفتون إلى واهب النعمة، ولا إلى الجزاء الذي ينتظرهم في الآخرة، ولا ينتبهون إلى حكمة الخلق التي تؤكد أن الإنسان خليفة الله في الأرض، وأن الله قد أعدَّ الأرض بكل ما فيها من إمكانات ومن خيرات لتكون في خدمة هذا الخليفة، أي: أنه أقبل على عالم كامل من كل شيء؛ معداً له إعداداً فوق قدراته وطاقاته.
ولذلك يقول الحق سبحانه وتعالى في حديث قدسي:«خلقتُ الأشياء من أجلك، وخلقتُك من أجلي، فلا تشتغل بما هو لك عما أنت له»
أي: لا تشتغل بالنعمة عن المنعم، تماماً كما يدخل الإنسان إلى وليمة كبيرة، فيجد المائدة مُعدَّة بكل ألوان الطعام، وصاحب المائدة واقف فلا يحييه ولا يسلم عيه ويذهب مباشرة إلى الطعام، فيُحسُّ الناس أن هذا الإنسان جاحد بكرم الضيافة. بينما نجد رجلاً آخر يدخل فيسلم على صاحب الوليمة ويشكره على كرمه ويشيد به، الأول: انشغل بالنعمة، والثاني: لم يُنْسه انشغاله بالنعمة أن يشكر مَنْ أعدها له.
ومثال آخر: إن الصحة هي من أثمن النعم. أما المرض فإنه أقسى ما يمكن أن يصاب به الإنسان؛ لأن الصحة هي التي تجعل الإنسان يتمتع بنعم الحياة، أما المرض فيحرمه هذه النعمة. ولذلك فعندما يمرض الإنسان