للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ونحن نعلم أن تناقض الذات هو الذي يتعب الدنيا كلها، ويبين لنا المتنبي هذه القضية، ويشرح كيف أنها أتعبُ شيء في الوجود، فيقول:

وَمِنْ نَكَدِ الدُّنْيا علَى الحرِّ أنْ يَرَى ... عَدوّا له مَا مِنْ صَداقتِه بُدُّ

هذا هو تناقض الملكَاتِ حين تجد عدواً لك، وتحكم عليك الظروف أن تصادقه. وفي ذلك يقول شاعر آخر:

عَلَى الذَّمِّ بِتْناَ مُجْمِعينَ وحالُنَا ... مِنَ الخوْفِ حَالُ المجْمِعين عَلىَ الحمْدِ

وشاعر ثالث يريد أن يصور التناقض في المجتمع الذي يجعل الناس يمجدون هذا وهم كارهون له، فيقول:

كَفَانَا هَواناً مِنْ تناقُضِ ذَاتِنا ... متى تَصْدُق الأقوالُ بالألسُنِ الخُوَّفِ

إذن: فالمنافقون يحلفون بألسنتهم بأنهم من المؤمنين، وهم كذلك في ظاهر التشريع، ولكنهم ليسوا منكم في حقيقتهم، فهم في قلوبهم ليسوا منكم.

ويكمل الحق سبحانه وتعالى الصورة بقوله:

{وَيَحْلِفُونَ بالله إِنَّهُمْ لَمِنكُمْ وَمَا هُم مِّنكُمْ ولكنهم قَوْمٌ يَفْرَقُونَ} والفَرَق معناه: الخوف، أي أنهم في فزع دائم، ويخافون أن يُفتضَحَ أمرهم فيعزلهم مجتمع الإسلام ويحاربهم محاربته للكفار. ويشرِّدهم ويأخذ

<<  <  ج: ص:  >  >>