ثم يأتي الحق إلى فئة أخرى فيقول:{والمؤلفة قُلُوبُهُمْ} وهم من يريد الإسلام أن يستميلهم، أو على الأقل أن يكفوا آذاهم عن المسلمين. وكان المسلمون في الزمن الأول للإسلام ضعافاً لا يقدرون على حماية أنفسهم. وعندما أعز الله دولة المسلمين بالقوة والعزة والمكانة، منع الخليفة عمر بن الخطاب إعطاء المؤلفة قلوبهم نصيباً من الزكاة؛ لأنه لم يجد أن قوة الإسلام تحتاج أحداً غير صحيحي الإيمان؛ لذلك لم يدخلهم عمر بن الخطاب في فئات الزكاة.
وقول الحق سبحانه:{والمؤلفة قُلُوبُهُمْ} يثير سؤالاً: هل يُؤلَّف القلب؟ . نقول: نعم، فالإحسان يؤلف قلب الإنسان السَّوي، وكذلك يؤلف جوارح الإنسان غير السوي، فلا يعتدى على من أحسن إليه باللسان أو باليد.
ثم يقول الحق سبحانه:{وَفِي الرقاب} ومعناها العبيد الذين أُسروا في حرب مشروعة. وكانت تصفية الرق من أهداف الإسلام؛ لذلك جعل من مصارف الزكاة تحرير العبيد. وبعض من الناس يدَّعون أن الإسلام جاء بالرق وأقره. ونقول: لم يأت الإسلام بالرق؛ لأن الرق كان موجوداً قبيل البعثة المحمدية، وجاء الإسلام بالعتق ليصفى الرق، فجعل من فَكِّ الرقبة كفارة لبعض الذنوب.
وجعل من مصارف الزكاة عتق العبيد. وقد نزل القرآن وقت أن كانت منابع الرق متعددة.