ويُنهي الحق سبحانه الآية بقوله:{والله عَلِيمٌ حَكِيمٌ} ، والله هو واجب الوجود وخالقه، خلق الإنسان وكرَّمه فجعله خليفة في الأرض. وقبل أن يخلق سبحانه الإنسان أعدَّ له الكون الذي يعيش فيه؛ الأرض والشمس والقمر والسماء والكواكب والنجوم. ثم جاء الإنسان إلى الكون؛ ليجد كل شيء قد أعدَّ لخدمته خاضعاً له، فلا يوجد جنس من الأجناس يتأبى عن خدمة الإنسان، فلا الأرض إذا زُرعَتْ رفضت إنبات الزرع، ولا الحيوان الذي سخره الله جل جلاله لخدمة الإنسان يتأبى عليه؛ فالحمار تُحمِّله السباخ والقاذورات فلا يرفض، وتنظفه وتجعله مَطيَّة تنقلك من مكان إلى آخر فلا يتأبى عليك.
وما دام سبحانه الذي خلق، فهو أدرى بمن خلق، وبما يصلحه وما يفسده - ولله المثل الأعلى - نحن نعرف أن المهندس الذي يصمم آلة إنما يضع لها قانون صيانتها. فما بالنا بخالق الإنسان المتعدد المشاعر والأطوار؟ إن خلق الإنسان لا يقتضي علماً فقط، ولكنه يقتضي أيضاً حكمة؛ لأنك قد تعلم، ولكنك لا تستخدم العلم فيما تفعل، كأن تعلم قانون صيانة آلة معينة ثم لا تطبقه وتحاول أن تأتي بقانون من عندك؛ لذلك فلا بد مع العلم من حكمة لتضع الشيء في موضعه السليم.
ولذلك قال الحق سبحانه:{والله عَلِيمٌ حَكِيمٌ} .
ونحن نعلم أن الصدقات تقتضي مُتصدِّقاً وهو المعطي، ومُتصدِّقاً عليه وهو مستحق الصدقة أو بالذي يأخذها، ومُتصدَّقاً به وهو الشيء الذي تتصدق به، إذن فهناك ثلاثة عناصر: المتصدِّق، والمتصدَّق عليه، والمتصدَّق به.
قد يتساءل بعض الناس: لماذا خلق الله الإنسان الخليفة في الأرض وجعل بعضهم قادراً وبعضهم عاجزاً، وهذا يعطي وهذا يأخذ، ولماذا لم يجعل الكل قادرين؟