فيها بعد الحساب مباشرة، بل سيدخل النار أولاً بقدر معاصيه. فقول الحق سبحانه وتعالى:{إِلاَّ مَا شَآءَ رَبُّكَ} ينطبق على عصاة المؤمنين الذين سيأخذون حظهم من العذاب أولاً على قدر سيئاتهم، ثم بعد ذلك يدخلون الجنة.
وقول الحق عن خلود المنافقين في النار:{هِيَ حَسْبُهُمْ} أي تكفيهم، كأن يكون هناك إنسان شرير وأنت تريد أن تؤدبه، فيأتي إنسان قوي ويقول لك: اتركه لي، أنا وحدي كفيل أن أؤدبه، فتقول: هذا حسبه، أي يكفيه هذا؛ ليتم التأديب المطلوب. كذلك النار، فسبحانه وتعالى يريد أن يلفتنا إلى أنها تكفيهم، أي: أن ما سيعانونه فيها من ألم وعذاب كافٍ جدّاً لمجازاتهم على ما فعلوه من سيئات.
ثم يقول الحق:{وَلَعَنَهُمُ الله} أي: طردهم من رحمته ومن طاعته فلا يقبل لهم توبة ولا عودة؛ لأن مكان التوبة هو الدنيا. وأما بعد الموت والآخرة، فلا محل فيهما لتوبة ولا رجوع عن معصية؛ لأن زمان ذلك قد انتهى. لذلك فالعذاب لمن لم يَتُبْ في الدنيا هو عذاب مقيم في الآخرة.
{وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ} وقد وصف الحق عذاب جهنم مرة بأنه عذاب أليم، ومرة بأنه عذاب مهين، ومرة بأنه عذاب مقيم؛ لأنه يريدنا أن نعلم أن كل أنواع العذاب ستصيب أهل جهنم، فإن كان الإنسان مُتجلِّداً له