ثم يقول الحق سبحانه وتعالى:{فاستمتعوا بِخَلاقِهِمْ} والخلاق هو النصيب الذي يصيب الإنسان من أي نعمة، ويقول سبحانه:{فَمِنَ الناس مَن يَقُولُ رَبَّنَآ آتِنَا فِي الدنيا وَمَا لَهُ فِي الآخرة مِنْ خَلاَقٍ}[البقرة: ٢٠٠]
أي: ليس له في الآخرة نصيب من نعم الله، فالذين عملوا للدنيا وحدها ولك يكن في بالهم الله، يأبى عدل الحق سبحانه وتعالى أن يضيع عليهم نتيجة عملهم، ولذلك فهو يعطيه لهم في الدنيا، ولكم من يعمل وفي باله الله يعطيه الله من الدنيا ويُوفِّيه أجره في الآخرة.
ولذلك نجد بعضاً من المؤمنين يسألون: كيف يكون الكفار أحسن حالاً من المؤمنين في الحضارة المادية، ولماذا يأخذ الكفار من خيرات الأرض ما يكفيهم ويزيد، لدرجة أنهم في بعض البلاد يُلْقون بالفائض في البحر، بينما تجد المسلمين يعيشون في حضارة مادية محدودة، ويستوردون ما يأكلون؟
ولنتذكر الحقيقة الواضحة التي أكررها دائماً لكل مسلم: إياك أن يغيب عنك أن هناك «عطاء للرب» و «عطاء للإله» . فعطاء الرب للجميع؛ لأن الرب هو الذي خلق وربَّى، وأمدنا بالأقوات، وسبحانه ليس رب المؤمن فقط. لكنه رب المؤمن والكافر. ولذلك إذا أخذ المؤمن أو الكافر بالأسباب أعطاه الله؛ فالأرض تعطى محصولاً وفيراً لمن يحسن زراعتها وينتقي لها التقاوي ويرعاها، لا تفرق في ذلك بين مؤمن وكافر، والكون يعطي كنوزه لمن يبحث عنها ويجتهد، لا فرق بين مؤمن وكافر، وهذا عطاء الربوبية.
أما عطاء الألوهية فقد خصَّ الله سبحانه وتعالى به عباده المؤمنين الذين يتبعون منهجه، هذا عطاء العبادة يجزي به الإنسان في الآخرة، والذي