للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وآخر يعطيك الطعام.

نقول: إن هذا كله متاع الأسباب، فقبل أن تضغط أنت هذا الزر، كان هناك بشر أعدّوا لك القهوة أو الطعام، والآلة أوصلته إليك.

ولكن مهما ارتقى الإنسان تكنولوجيّاً فلن ياتي اليوم الذي يجعل الشيء يخطر ببالك فتجده أمامك. . ولكن في الجنة بمجرد أن يخطر الشيء على بال تجده أمامك؛ لأن عطاء الدنيا عطاء أسباب، وعطاء الآخرة عطاء مسبب.

فالله سبحانه وتعالى أعطانا الاختيار والأسباب في الدنيا، ولكن في الآخرة يأتي لك الشيء بلا عمل، مختلفاً في مذاقه ورائحته عن الدنيا.

إذن: فالذي يعمل وفي باله الأسباب فقط يعطي في الدنيا، والذي يعمل وفي باله خالق الأسباب يعطي في الحياتين؛ ولذلك قال الحق سبحانه وتعالى: {والذين كفروا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظمآن مَآءً حتى إِذَا جَآءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ الله عِندَهُ. .} [النور: ٣٩]

والسراب الذي تمشي له متخيلاً أنه ماء فإنك حين تصل إليه لا تجده شيئاً، هكذا الكافر يوم القيامة، يفاجأ بأن الله موجود، وجد الله سبحانه الذي لم يؤمن به، ويطلب من الله الأجر فيقال له: أجرك مما عملت له. وما دمت لم تعمل لله فلا يوجد لك أجر في الآخرة؛ لأن الله هو الذي يجزي في الآخرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>