أما المنافقون فيصفهم الحق {بَعْضُهُمْ مِّن بَعْضٍ} أي: أنهم جميعاً من بعض، فلا يتناهَوْنَ عن منكر فعلوه، ولا يوجد بينهم ناصح.
وقول الحق سبحانه وتعالى:{والمؤمنون والمؤمنات بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ} لم يبين لنا من المولى ومن الموَالي، فكل مؤمن وهو ولي وهو موال؛ لأن الولاية مأخوذة من «يليه» ، أي صار قريباً، وضدها عاداهُ أي بَعُدَ عنه وتركه. إذن: فالموالاة ضدها العداوة. وفائدة القرب أن يكون الولي نصير أخيه المؤمن في الأمر الذي هو ضعيف فيه.
فإذا كنت ضعيفاً في أمر ما، فأخي المؤمن ينصرني فيه. وما دام أخي المؤمن ينصرني في أمر ما، فإن صار هو ضعيفاً في شيء أنصره أنا فيه، فنتفاعل ونتكامل ويصبح كل منا ولياً ومُوَالَى.
ولذلك يقول الحق سبحانه وتعالى:{والعصر إِنَّ الإنسان لَفِى خُسْرٍ إِلاَّ الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات وَتَوَاصَوْاْ بالحق وَتَوَاصَوْاْ بالصبر}[العصر: ١ - ٣]
ولو قيل:«وصَّوْا» لكان هناك أناس يوصون وأناس يتواصون، لكن الحق قال:{وَتَوَاصَوْاْ} ومعناها أن كل مؤمن عليه أن يوصي أخاه المؤمن. فإن كان عندي نقطة ضعف فأنت توصيني وتقول: اعدل عن هذا ولا تفعله فأنت مؤمن. وإن كانت فيك نقطة ضعف أقول لك: لا تفعل هذا فأنت مؤمن.
إذن: فكل واحد منا مُوص ومُوصىً. كذلك الولاية فأنت وليي، أي قريب مني تنصرني في ضعفي، وأنا وليُّك، أي قريب منك، أنصرك في ضعفك لأننا أبناء أغيار؟ وكل واحد منا فيه نقطة ضعف تختلف عن نقطة ضعف الآخر.