للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

غيب، ولذلك فهو يصلحنا بالغيب، فلا تعرف ماذا فعل بك وأنت واقف أمامه تصلي. لكنك تشعر بلا شك أن شيئاً فيك قد انصلح.

ولهذا كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إذا حزبه أمر - أي كان هذا الأمر فوق طاقته - قام إلى الصلاة؛ لأن أسبابه لم تستطع أن تفعل شيئاً فيتجه إلى المسبب، ويقف بين يديه؛ لأنه سبحانه وتعالى هو الذي يملك الحل. ولذلك كان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يقول لبلال: أرحنا بها يا بلال كأن الراحة بها، أي اجعل ملكاتنا تعتدل بالصلاة.

لذلك كان لا بد أن يقول الحق سبحانه وتعالى: {وَيُقِيمُونَ الصلاوة} لأن الصلاة استدامة الولاء لله، والحق تبارك وتعالى يريدنا أن نكون موصولين به سبحانه، وهذه الصلة تتم بالصلاة فرضاً خمس مرات في اليوم، وترك سبحانه الباب مفتوحاً لتطوعك، فلا تترك ساعة تستطيع أن تكون فيها بين يدي الله إلا فعلت.

ولكي تعرف الفرق بين سيادة الله وسيادة البشر، فإنك إذا ضعفت أٍسبابك أمام شيء، فإنك تطلب أن تقابل من هو أعلى منك مركزاً، فهو يملك أسباباً لقضاء حاجتك، فإذا طلبت مقابلته قد يقول نعم، وقد يقول لا. . فإذا قال نعم، يسألك عم ستتكلم فيه. . فإذا قلت: إنك ستتكلم في كذا، حدد لك الساعة واليوم والمكان ومدة المقابلة.

ولكن الحق سبحانه وتعالى لا يفعل هذا. أنت تذهب له في أي وقت تشاء، وفي أي مكان تشاء، وتتكلم فيما تريد، وهو سبحانه لا ينهي المقابلة أبداً، أنت الذي تنهي المقابلة مع ربك.

<<  <  ج: ص:  >  >>