ذي القرنين قال:{وَيَسْأَلُونَكَ عَن ذِي القرنين قُلْ سَأَتْلُواْ عَلَيْكُم مِّنْهُ ذِكْراً}[الكهف: ٨٣] فما هو الذكر الذي يعنيه الله سبحانه وتعالى هنا؟
بعض الناس يحاول أن يُدخلَ نفسه في متاهة بالسؤال عمَّنْ يكون ذو القرنين، هل هو قورش؟ أو الإسكندر الأكبر أو غيرهما؟ نقول: إن هذا لا يعنينا، بل ما يعنينا هو أن نلتفت إلى أن ذا القرنين هو إنسان مكَّنه الله في الأرض. وهذا ينطبق على كل إنسان مكَّنه الله في الأرض؛ في أي زمان، وفي أي مكان. ومهمة من يمكنه الله في الأرض ألا يكتفي بعطاء الله من الأسباب، بل عليه أن يُولد من الأسباب قوة؛ مصداقاً لقوله تعالى:{إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الأرض وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً فَأَتْبَعَ سَبَباً}[الكهف: ٨٤ - ٨٥]
مهمته - إذن - أن يثيب من يحسن عمله، ويعاقب من أساء عمله، وفي هذا يقول الحق سبحانه وتعالى:{قُلْنَا ياذا القرنين إِمَّآ أَن تُعَذِّبَ وَإِمَّآ أَن تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً قَالَ أَمَّا مَن ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إلى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَاباً نُّكْراً وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُ جَزَآءً الحسنى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْراً}[الكهف: ٨٦ - ٨٨]
وأول ما يجب أن يهتم به كل مُمكَّن في الأرض، بعد توليد الطاقة من الأسباب، هو معاقبة الظالم لتستقيم الأمور بالضرب على يده. وفي هذا