بصيحة الحق؛ فلن يقفوا متفرجين، بل سيحاربون كل من يحمل منهج الحق إليهم. ولا بد للرسول من أن يصمد أمامهم، وأن يجاهدهم.
و «جاهد» من «فاعل» ، مثل «شارك» ، فأنت تشارك فلاناً، ومثل:«قاتل» فأنت تقاتل فلاناً، إذن: فلابد أن تحدث مفاعلة بين الرسول ومن ابتعوه، وبين أئمة الكفر والفساد في المجتمع.
ولابد أن يستعد الرسول والمؤمنون بمنهجه لتحمُّل الإيذاء من غير المؤمنين بالمنهج؛ لأن الكفار منتفعون بالفساد، ولكي يستمر هذا الانتفاع، لابد أن يقف الكفار ضد حَمَلَة منهج الحق، وأن يقاوموهم ليضمنوا لأنفسهم استمرار الميزات التي يعطيها الباطل لهم. وينبه الله سبحانه وتعالى لرسوله إلى حقيقة هؤلاء الكفار المنتفعين بالفساد، وأنهم سيحاربونه. ولذلك لم يقل سبحانه وتعالى لرسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: اتحد معهم، ولكنه قال:{جَاهِدِ الكفار والمنافقين} ، أي: اصمد أمامهم في المعركة، وجاءت الكثير من الآيات التي أمر فيها الله رسوله والمؤمنين بالصبر على الجهاد، والجهاد يقتضي المواجهة، لذلك قال سبحانه:{اصبروا} .
ولكن لنفرض أن عدوِّي صبر أيضاً في الحرب، إن أنا صبرت وعدوي صبر تساوت الكفتان؛ ولذلك يقول الحق سبحانه وتعالى:{اصبروا وَصَابِرُواْ ... }[آل عمران: ٢٠٠]
أي: إن واجهكم عدوكم بالصبر، فليكن صبركم أقوى منه، فتغلبوه بالصبر والتحمل، فقف صابراً في مواجهتهم ومعك المؤمنون برسالتك، فمعسكر الإيمان لا بد أن يواجه معسكر الكفر والنفاق، والكافر هو الذي جحد الإيمان بقلبه وأعلن الكفر بلسانه، أما المنافق فهو من كفر في باطنه ويعلن الإيمان في ظاهره.