وليس على مرحلة واحدة، وكانت أولى مراحل الجهاد هي الجهاد بالحجة؛ لأن المؤمنين في أول الأمر كانوا قلة ضعيفة لا يملكون قوة يواجهون بها هذا المد الكبير من الكفار. وكان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يعرض قضايا الإيمان بالحجة لإقناع العقل؛ لعل عقولهم تفيق فيؤمنون بمنهج الحق. فيسألهم مثلاً عمَّنْ خلق السموات والأرض؟
وحين يديرها الكافر في عقله لا يجد أن أحداً ادعى - أو يستطيع أن يدعي - أنه خلق السموات والأرض، فلا يكون جوابهم إلا أن الخالق هو الله سبحانه وتعالى، لماذا؟ لأن الإنسان في تكوينه قد يدعي أشياء ليست له، ولكنه لا ينفي أمراً هو صاحبه. فمخترع أي شيء أو صانعه لا يمكن أن ينكر أنه صنع أو اخترع، بل يجب أن تعرف الدنيا كلها أنه اخترع أو صنع؛ ولهذا فأنت لا تجد شيئاً ينتفع به في الكون مهما كان تافهاً إلا وعرفنا تاريخه، ومن أين جاء، ومن الذي طوره. وكذلك اختراع الطائرة، ومعروف لنا كيف نشأت فكرة الطيران بعباس بن فرناس؛ الذي حاول الطيران بذاته بواسطة أجنحة كبيرة، وهكذا كانت البداية.
إذن: فكل شيء نافع في الكون معروف من الذي اكتشفه أو صنعه أو اخترعه. فإذا كان هذا هو الحال بالنسبة للصناعات البشرية المحدودة، فما بالك بالنسبة للكون؟ وحين نسأل: من الذي أوجد الشمس؟ ألا يستحق خالقها أن نعرف من هو، خصوصاً ونحن نعرف من الذي اخترع مصباح الكهرباء وأوجده في حياتنا؟
وإذا كنا نملأ الدنيا بالحديث عن مخترع مصباح الكهرباء الذي ينير حجرة محدودة لوقت، وقامت مصانع كبيرة لتنتج هذا الاختراع، أفلا نستحق أن