إّن: فهناك جمع. والروايات كلها يمكن أن تكون صحيحة في أن الآية الكريمة نزلت في أفراد متعددين، وسبحانه يقول:{وَمِنْهُمْ مَّنْ عَاهَدَ الله} فكيف يكون للمنافقين عهد مع الله؟ نقول: لقد عُومل هؤلاء المنافقون بظواهر ألسنتهم، فهم قد أعلنوا إٍسلامهم، وكان الواحد منهم يقول: أعاهد الله على كذا وكذا؛ تماماً كما يأتي الواحد منهم للصلاة ويحرص بعضهم على التواجد في الصف الأول للمصلين، فهل منعه النفاق من الصلاة ظاهراً؟ لم يمنعه أحد، كذلك عندما يعاهد الله فهو يعاهده بظاهر لسانه.
وقصة الآية: أن رجلاً فقيراً من الأنصار ذهب إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وقال: إني فقير مملق - أي شديد الفقر - فادع لي الله يا رسول الله أن يوسع عليّ دنياي. وبفطنة النبوة قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: إن قليلاً تؤدي شكره خير من كثير لا تطيقه، فعاوده وقال: ادع الله لي أن يوسّع عليّ. فدعا له فوسّع الله عليه.
ولسائل أن يسأل: كيف يستجيب الرسول ويدعو لمنافق؟ وإذا كان الرسول قد دعا ترضية له وتأليفاً لقلبه؛ فكيف يجيب الله رسوله في طلب منافق منه؟
ونقول: ربما كان ذلك؛ لأن المنافق أراد أن يجرب: أرسول الله رسول حق، بحيث إن دعا الله أجيب؟
فلما دعا رسول الله؛ أراد الحق سبحانه وتعالى أن يُعلم هذا المنافق أنه: نعم هو رسول الله؛ وإن دعا لأي أحد يُجِبْه الله، فتكون هذه للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ.
فلما دعا رسول الله لثعلبة، أو للجد بن قيس، أو لحاطب بن أبي بلتعة؛ استجاب الله لدعاء رسوله؛ وأعطى مَنْ سأل الدعاء مالاً وفيراً، وقالوا: ولقد تكاثر مال ثعلبة، وكانت ثروته من الأغنام قد تناسلت