للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من ذلك العمل على قبور المنافقين. ويعطينا الحق سبحانه العلة في ذلك فيقول: {إِنَّهُمْ كَفَرُواْ بالله وَرَسُولِهِ وَمَاتُواْ وَهُمْ فَاسِقُونَ} وعرفنا كيف كفروا بالله ورسوله، لكن ماذا عن قوله الحق: {وَمَاتُواْ وَهُمْ فَاسِقُونَ} . فهل ماتوا وهم خارجون عن المنهج؟ نعم، تماماً مثلما نقول: فسقت الرطبة؛ لأن البلح في نضجه يكون أحمر اللون أو أصفر وتلتصق قشرته به، فإذا رطب انفصلت القشرة عن البلحة، بحيث تستطيع أن تنزعها بسهولة، فكأن منهج الله بالنسبة للمؤمنين لا بد أن يلتصق به كقشرة البلحة الحمراء، وإذا انفصل عنه مثل قشرة الرطبة يُصَابُ بالفساد.

ولكن هنا نتساءل: أليس الكفر أكبر مرتبة من الفسق؟ لأننا نعلم أنه ليس بعد الكفر ذنب؟ فكيف يقول الحق سبحانه وتعالى: {وَمَاتُواْ وَهُمْ فَاسِقُونَ} مع أنهم كفروا، والكفر أكبر الذنوب؟

ونقول: إن الكفر هو عدم الإيمان بالله ورسوله وعدم الدخول في الإسلام، ولكن الفسق هو عدم الالتزام بأية قيم، ذلك أن الدين قد أوجد في النفوس عامة قيماً معروفة يتبعها حتى الذين كفروا، فمثلاً عندما أرادوا بناء الكعبة قبل الإسلام، قالوا: نريد أن نبنيها بمال حلال، لا يدخل فيه مال بَغيٍّ. وكانوا في الماضي يُحضرون البغايا، ويُقيمون لهن الرايات، ويأخذون من أموالهن. لم يكن الإسلام قد جاء بَعْد، ولكن كانت هناك قيم من مناهج السماء التي جاءت قبل الإسلام. وجاء الإسلام موافقاً لبعضها.

<<  <  ج: ص:  >  >>