المال بالموت، وإما أن يكون هذا المال عذاباً له؛ فيعيش مع خشية الفقر وزوال النعمة، كذلك الأولاد يربيهم ويتعب في تربيتهم، ثم بعد ذلك إما أن يفارقوه بالموت، وإما أن يكبروا فاسدين؛ فيكونوا مصدر عذاب لهم.
فكأن قول الحق سبحانه وتعالى:
{فَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ الله لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الحياة الدنيا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ} هو كلام من الحق سبحانه وتعالى للمؤمنين؛ لأن هؤلاء المنافقين قد يعطيهم الله الأموال والأولاد؛ ولكنها ليست خيراً لهم، بل هي عذاب لهم؛ لأنهم بإبطائهم الكفر وتظاهرهم بالإيمان؛ يفرضون على أنفسهم تكاليف تأخذ جزءاً من أموالهم وأولادهم، وحينئذ تكون عذاباً لهم لأنهم خسروا كل شيء ولم يكسبوا شيئاً، فليس لهم أجر على موت أبنائهم إن قتلوا، ولا أجر الزكاة والصدقة فيما ينفقونه رياء ونفاقاً.
أما الآية الثانية:
{وَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَأَوْلاَدُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ الله أَن يُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الدنيا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ} فهي حكم عام على من يعطيهم الله نعمة الدنيا ويكفرون به، وتكون هذه النعمة عليهم عذاباً، فهم في خوف من ضياع المال أو فقد الولد؛ لذلك يعانون من العذاب. وهم من خوفهم من الموت وترك النعمة مُعذَّبون، فهم لا يريدون أن يموتوا لأنهم لا يعتقدون في الآخرة، ويكون المال والولد حسرة عليهم؛ لأن المؤمن إن مات منه ولد، علم أن افتقاد الابن إنما يسد طاقة جهنم، ويقوده إلى رحمة الله، وله أجر على ذلك، فإن كان الولد صغيراً كان ذخراً له في الآخرة، وإن كان كبيراً فهو يتذكر قول الحق: