ويقول الحق سبحانه وتعالى:{وَجَآءَ المعذرون مِنَ الأعراب لِيُؤْذَنَ لَهُمْ وَقَعَدَ الذين كَذَبُواْ الله وَرَسُولَهُ} لقد كذبوا الرسول في الإيمان نفسه؛ لأنهم لم يكلفوا أنفسهم حتى مجرد الاعتذار وتخلفوا، ولو كانوا قد صدقوا في الإيمان لما تقاعسوا عن القتال، أولا استأذنوا رسول الله في القعود.
ثم يقول الحق:{سَيُصِيبُ الذين كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} والكفر - كما نعلم - هو ستر الإيمان. والمنافقون من الإعراب أظهروا الإيمان وكانت قلوبهم تمتلئ بالكفر. ويقول الحق سبحانه وتعالى:{قَالَتِ الأعراب آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُواْ ولكن قولوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإيمان فِي قُلُوبِكُمْ ... }[الحجرات: ١٤]
أي أنهم يؤدون أمور الإسلام الظاهرية بينما قلوبهم لم يدخلها الإيمان.
ويعرفنا الحق سبحانه بالجزاء الذي ينتظر هؤلاء المتخلفين من الأعراب فيقول:{سَيُصِيبُ الذين كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} وعرفنا من قبل أن وصف العذاب في القرآن إما أن يكون أليماً، وإما أن يكون مهيناً، وإما أن يكون عظيماً، وإما أن يكون مقيماً.
وأراد الحق سبحانه أن يعطي رخصة للذين لا يقدرون على القتال ولهم العذر في أن يتخلفوا عنه؛ فقال:{لَّيْسَ عَلَى الضعفآء ... }