للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قبل أن ينطقوه، ولو امتلكوا ذرة من فطنة لرجعوا عن نفاقهم، ولدخلوا في الإيمان، ولكنهم لم يستوعبوا الدرس، فجاء الحق سبحانه وتعالى بالأمر واضحاً في قوله سبحانه: {قَدْ نَبَّأَنَا الله مِنْ أَخْبَارِكُمْ} فكأن المسألة ليست فراسة استنتاج، ولكنها وحي من الله.

ثم يقول الحق تبارك وتعالى: {وَسَيَرَى الله عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ} .

ما هو العمل الذي سيراه الله سبحانه وتعالى ورسوله، بعد أن رفض رسول الله عذرهم، وأخبرهم بأن الله قد أخبره بما يُخْفونه من كذب في صدورهم؟ فسبحانه العالم بالسرائر كلها، لقد شاء سبحانه ألا يغلق أمامهم باب المرجع إليه، وكان يجب من بعد ذلك أن يرتدعوا وأن يتيقنوا أن رب محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لا تخفى عليه حتى نواياهم. وما دُمْتم قد علمتم صدق محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ في كل ما أبلغكم به، أصبح عليكم - إذن - أن ترجعوا وتخرجوا من دائرة النفاق لتدخلوا حظيرة الإيمان؛ وتراكم الدنيا من بعد ذلك وقد اختلفت أعمالكم من النفاق إلى الإيمان، أما إن أصررتم على ما أنتم فيه؛ فمعنى ذلك أنكم لم تستفيدوا من العملية الإعجازية التي أنبأ الله فيها رسوله بكذبكم.

إذن: فقد فتح الله باب التوبة أمامكم رحمة منه سبحانه، فانتهزوا هذه الفرصة؛ لأنه سبحانه سيرى أعمالكم في المستقبل، وعلى أساس هذه الرؤية يرتب لكم الجزاء على ما يكون منكم.

ولذلك يقول الحق سبحانه: {ثُمَّ تُرَدُّونَ إلى عَالِمِ الغيب والشهادة فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} [التوبة: ٩٤]

وما دام سبحانه عالم الغيب، فمن باب أوْلى أنه عليم بعالم الشهادة.

<<  <  ج: ص:  >  >>