{الأعراب أَشَدُّ كُفْراً وَنِفَاقاً وَأَجْدَرُ أَلاَّ يَعْلَمُواْ حُدُودَ مَآ أَنزَلَ الله على رَسُولِهِ والله عَلِيمٌ حَكِيمٌ}
ولماذا هم أشد كفراً ونفاقاً؟ لأنهم بعيدون عن مواطن العلم والدعوة، وعندهم غِلْظة، وعندهم جفاء، وقوله سبحانه:{وَأَجْدَرُ أَلاَّ يَعْلَمُواْ حُدُودَ مَآ أَنزَلَ الله على رَسُولِهِ} يعني: أحق ألاّ يعلموا حدود ما أنزل الله؛ لأن عرفان حدود ما أنزل الله من الأوامر والنواهي، والحلال والحرام، يأتي من التواصل مع العلم، وهذا لا يتأتَّى بالتنقل من مكان إلى آخر، بل لا بد من الاستقرار.
والعلم - كما نعرف - ألا تغيب عن العالم قضية من قضايا الكون؛ وكل واحد منا يعلم علماً على قدر تجربته ومراسه في الحياة، وعلى قدر جلوسه إلى العلماء، لكن الله وحده لا يعلم علم الجميع.
والعلم عند البشر قد يوظِّف، وقد لا يوظِّف، وكثير من الناس عندهم العلم لكنهم لا يوظِّفونه، ومن لا يوظِّف علمه يصير علمه حُجة عليه. أما من يُوظِّف علمه، ويضع الأمر في محله، والنهي في محله، والحلال في محله، والحرام في محله، والمشتبه يضع له حكماً مناسباً، فهو يوصف بالحكيم؛ لأنه وضع كل شيء في محله.