ومادة «تاب» تعني الرجوع إلى الله، فعندما يتوب العبد فهو يعود إلى ربه طالبا المغفرة عن العصيان والذنب، وعندما يتوب الله على عبد، فذلك يعني أن الله قبل توبته، فبعد أن كان مقدرا له أن يعذب فإن الله يعفو عنه فلا يعذبه، إذن فالتوبة كلها رجوع إلى الله، وحين تقدم التوبة من الله على التوبة من العباد في قوله:{تاب عليهم ليتوبوا} ، فمعنى ذلك أن الحق شرع التوبة وقننها ليفتح باب الرجوع إليه، فهناك ثلاث مراحل للتوبة:
المرحلة الأولى: هي أن الله شرع التوبة.
المرحلة الثانية: هي أن يتوب العبد.
المرحلة الثالثة: أن يقبل الله التوبة.
وكلها تعني الرجوع عن المعصية والذنب.
إذن فأي إنسان يذنب ذنبا لابد أن يصلح هذا الذنب من جنس ما فعل، فإن فعل ذنبا سرا فيكفيه أن يتوب سرا، أما إن كسر حدود الله علنا، فنقول له: لا يستقيم أبدا أن تعصي الله علنا أمام الناس وتكون أسوة سيئة لأناس تجعلهم يتجرأون ولذلك فالمثل العامي يقول: «تضربني في شارع وتصالحني في حارة» .
إن الذي يكسر حداً من حدود الله أمام الناس نقول له: لابد أن تعلن توبتك أمام الناس جميعاً، ولذلك نحن ندرأ الحدود بالشبهات، لكن الذي يتباهى بأنه ارتكب الذنب لا نتركه، مثلا الذي شهد عليه أربعة بأنه ارتكب ذنبا من الكبائر كالزنى، لقد ظل يفعل الذنب باستهتار إلى أن شهد عليه أربعة، هل يعقل أن نقول له: ندرأها بالشبهات؟ . لا. هو كسر الحد علنا فوجبت معاقبته بإقامة الحد.
وأما الذين تابوا وأصلحوا ما أفسدوه وبيَّنوا للناس ما كتموه فجزاؤهم توبة من الله.
ومن لطف الله بالإنسان أن شرع التوبة حتى يشعر الناس بالذنب، وجعلها من