الحق: انتبهوا فأنتم تعيشون في مجتمع محاط بالمنافقين. والتطعيم ضد الداءات التي تصيب الأمم وسيلة من وسائل محاربة العدو، ونحن نفعل ذلك ماديّاً حين نسمع عن قرب انتشار وباء؛ فنأخذ المصل الواقي منه، رغم أنه داء إلا أنه يعطينا مناعة ضد المرض.
وهكذا يربي الحق المناعة بحيث لا يمكن أن يُهاجَم المؤمنون عن غفلة، فيقول:{وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِّنَ الأعراب مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ المدينة مَرَدُواْ عَلَى النفاق} و «مرد» يمرد أي: تدرب وتمرن، ويبقى الأمر عند حرفة، وكأن الواحد منهم يجيد النفاق إجادة تامة. وكل ذلك ليوجد مناعة في الأمة الإسلامية؛ حتى يكون المؤمن على بصيرة في مواجهة أي شيء، فإذا رأى أي سلوك فيه نفاق اكتشفه على الفور. واليقظة تدفع عنك الضر، ولا تمنع عنك الخير.
وافرض أن واحداً قال لك: إن هذا الطريق مَخُوف لا تمشِ فيه وحدك بالليل. ثم جاء آخر وقال: إنه طريق آمن ومشينا فيه ولم يحدث شيء، فلو أنك احتطْتَ وأخذت معك سلاحاً أو رفيقاً فقد استعددت للشر لتتوقاه، فَهَبْ أنه لم يحدث شيء، فما الذي خسرته؟ إنك لن تخسر شيئاً.
وهذه قضية منطقية فلسفية يُردّ بها على الذين يشككون في دين الله، مثل المنجِّمين، ومَن يدَّعون الفلسفة، ويزعمون أنه لا يوجد حساب ولا حشر ولا يوم آخر، فيقول الشاعر:
زَعَم المنجِّم والطِّيبُ كلاهما ... لا تُحْشَرُ الأجسَاد قلْتُ إليكُمَا