ويوضح سبحانه: تنبَّهوا، فممَّن حولكم من الأعراب منافقون، وقوله الحق:{وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ} يشعر بأنهم محاطون بالنفاق، ولماذا يحاطون بالنفاق؟ لأن الدعوات الإيمانية لا تظهر إلا إذا طمّ الفساد في بيئة.
ونعلم أن الحق قد جعل في النفس أشياء تطرد الباطل، وإن الحّ الباطل عليها فترة، تتنبه النفس إليه وتطرده. وهؤلاء هم الذين يتوبون، يقترفون الذنب ثم ترجع إليهم نفوسهم الإيمانية فتردعهم. إذن: فالردع إما أن يكون ذاتيّاً في النفس، وإما أن يكون من المجتمع للنفس التي لا يأتيها الردع من الذات، فهي نفس أمَّارة بالسوء، وهي لا تأمر بالسوء مرة وتنتهي، بل هي أمّارة به، أي: اتخذت الأمر بالسوء حرفة؛ لأن صيغة «فعّال» تدلنا على المزاولة والمداومة.
وإذا كانت المناعة في النفس فهذا أمر يسير ويأتي من النفس اللوامة، وقد يكون المجتمع الذي حول الإنسان هو الذي يردع النفس إن ضعفت في شيء. وبهذا تكون المناعة رادعاً ذاتيّاً، ولا المجتمع فيه رادع؛ هنا لا بد أن تتدخل السماء، وتأتي دعوة الحق بآياتها، وبيناتها، ومعجزة الرسول.
هنا يقف أصحاب الفساد - وتكون نفوسهم أمّارة بالسوء - موقفاً ينافقون به القوة الطارئة الجديدة، بينما تظل نفوسهم أمّارة بالسوء - موقفاً ينافقون به القوة الطارئة الجديدة، بينما تظل نفوسهم أمّارة بالسوء، فتظهر ظاهرة النفاق.
وقوله الحق:{وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِّنَ الأعراب مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ المدينة} أي أنكم مطوقون في ذاتكم ومن حولكم، فالنفاق في ذات المكان الذي تقيمون فيه، وفيما حولكم أيضاً.