كنت قد أضررت بأحد فإنما أضررت بنفسك، ولم تضر الله سبحانه؛ لأنه سبحانه لا يلحقه ضرر بذنبك، وإنما الذنب لحقك أنت.
فحين يقول سبحانه:{غَفُورٌ} فهو غفور لك، و {رَّحِيمٌ} بك. والمصائب أو الكوارث نوعان؛ نوه للإنسان فيه غريم، ونوع يصيب الإنسان ولا غريم له. فإن مرض إنسان فليس له غريم في المرض، أما إذا سرق إنسان فاللص هو غريمه، ومصيبة الإنسان التي فيها غريم تدفع النفس إلى الانفعال برد العقوبة إليه، أما حين تكون المصيبة من غير غريم هي التي تحتاج لشدة إيمان، والحق يقول:{وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأمور}[الشورى: ٤٣]
هنا يؤكدها؛ لأن غريمه يلح عليه، فساعة يراه يتذكر ما فعله غريمه به، فتكون هناك إهاجة على الشر.
أما قوله سبحانه:{واصبر على مَآ أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأمور}[لقمان: ١٧]
فلم يؤكدها، فالمصيبة هنا من سيكون غريمه فيها؟ والذين اعترفوا بذنوبهم هم قوم تخلفوا بغير عذر، ثم جاءوا وقالوا: ليس لنا عذر، ولم يختلقوا أعذاراً؛ لأننا نعلم أن هناك أناساً لم يعتذروا، وأناساً آخرين