للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كل منهما بنفسه. ولذلك حين جاء سيدنا عمر، وكاد أن يركل جثة أحدهما قال الرسول: «دعها يا عمر فقد تابت توبة لو وزعت على أهل الأرض لو سعتهم» .

وكون أبي لبابة يربط نفسه بالسارية، فهذا يدل على أن المؤمن إذا اختمرت في نفسه قضية الإيمان، فإنه لا يترك نفسه إلى أن يلقاه الله بعذابه، بل يقول: لا، أنا أعذب نفسي كي أنجو من عذاب الله، فهو قد تيقن أن هناك عذاباًَ في الآخرة أقسى من هذا العذاب. فلما اعترفوا بذنوبهم وراجعوا أنفسهم متسائلين: ما الذي شغلنا عن الغزو، وجعلنا نعتذر بالكذب؟ وجدوا أنهم في أثناء غزوة تبوك وقد كانت في الحر، وفيه كانت تطيب جلسات العرب تحت الظلال وأن يأكلوا من التمر. فقالوا: والله، إن المال هو الذي شغلنا عن الغزو وجعلنا نرتكب هذا الذنب، ولا بد أن نتصدق به؛ لذلك قلنا: إن هذه لم تكن الصدقة الواجبة، بل هي صدقة الكفارة.

وهؤلاء قالوا للرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: خذ هذا المال الذي شغلنا عن الجهاد، فلم يقبل حتى ينزل قول من الله، فأنزل الحق قوله: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً ... }

<<  <  ج: ص:  >  >>