وقوله الحق:{مِنْ أَمْوَالِهِمْ} يعني أموال من اعترفوا بذنوبهم، وقد نسب الأموال وملكيتها لهم، رغم أن المال كله لله، مصداقاً لقوله:{وَآتُوهُمْ مِّن مَّالِ الله الذي آتَاكُمْ ... }[النور: ٣٣]
ولكن الحق ينقله إلى خلقه تفضلاً منه، وأوضح سبحانه إذا قلت لكم: أخرجوا شيئاً من المال الذي وهبتكم إياه فلن أرجع فيما وهبته لكم، ولذلك إذا احتاج مؤمن شيئاً من مؤمن مثله، فالحق سبحانه وتعالى يقول:{مَّن ذَا الذي يُقْرِضُ الله ... }[البقرة: ٢٤٥]
وسبحانه واهب المال وهو يحترم هبته لصاحب المال.
وقوله:{خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} لاحظ فيه العلماء أن المال حين يضاف إلى صاحبه فهو تطمين له، حتى يتحرك في الحياة حركة فوق ما يحتاج، ويبقى له شيء يتموَّله، وبذلك يحرص الإنسان على الحركة التي ينتفع بها الغير، وإن لم يقصد. فيوضح له الحق: اطمئن إلى أن كل شيء سيزيد عن حاجتك يصبح ملكاً لك، ولا يخرج المال عن ملكية صاحبه إلا إذا كان صاحبه غير أهل للتصرّف، مصداقاً لقوله الحق:{وَلاَ تُؤْتُواْ السفهآء أَمْوَالَكُمُ ... }[النساء: ٥]
لأن السفيه لا يصح أن يتملك؛ لأنه بالحمق قد يضيع كل شيء،